تطوران بارزان شهدتما الساحة الفلسطينية في لبنان وشكّل مخيم عين الحلوة عنوانا لهما، الاول: فرار المطلوب "رقم واحد" اللبناني شادي المولوي خلسة مع شخصين أو ثلاثة من أنصار المحكوم أحمد الأسير، متوجها الى سوريا او تركيا، ترجمة للضغوط الفلسطينية واللبنانية التي مورست على المطلوبين في المخيم مؤخرا، لاقفال هذا الملف الشائك والمعقد والذي يشكل "قنبلة موقوتة" لأمن وإستقرار المخيم والجوار اللبناني، والثاني "القرار الاتهامي من قبل النائب العام لدى محكمة التمييز، النائب العام العدلي بجريمة اغتيال القضاة الأربعة في صيدا والذي يتهم "عصبة الانصار الاسلامية" بتنفيذ الجريمة، التي ما زالت جراحها مفتوحة على الالم والحزن حتى اليوم.
على الجبهة الاولى، أكدت مصادر فلسطينية لـ "النشرة"، أن ما عزز الإعتقاد بأن المولوي فر من مخيم عين الحلوة الى سوريا أو تركيا خلسة، يعود الى تسريبات مقربين من تجمع "الشباب المسلم" حول جهود كبيرة بذلوها من أجل اقناعه بالخروج، حرصا منهم على تحمل المسؤولية تجاه المخيم وأهله، وثانيها ما أكده أمير "الحركة الإسلامية المجاهدة" الشيخ جمال خطاب، بأنه تلقى إتصالا من أحد الأشخاص في سوريا أكد له وصول المولوي إليها. كما ترددت معلومات عن إحتمال أن يكون أحد نجلي الأسير من الذين غادروا مع المولوي، إضافة الى أحد الأنصار من آل النقوزي والجندي الذي انشق عن الجيش اللبناني محمد عنتر، وجميعهم اعتمدوا الاسلوب ذاته: تغيير الشكل الخارجي وتزوير الهوية.
وفي المعلومات أن أحد اعضاء "لجنة متابعة قضية المطلوبين" في المخيم، التقى قبل فترة وجيزة المولوي ومجموعة من المطلوبين الاسلاميين، وأبلغهم قرار القوى الفلسطينية بضرورة المغادرة تجنبا لاي توتير أمني، فوعد الأخير بالعمل على ذلك دون إعلان، وقد دل اللقاء الذي جاء بمثابة رسالة على مدى الضغوط السياسية والأمنية الفلسطينية التي تمارسها على المطلوبين لتسليم أنفسهم الى السلطات اللبنانية او الخروج من المخيم كيفما دخلوا اليه، وإرتباطا بتساؤلات هل ضاق فعلا الطوق والخناق على المطلوبين وبدأت قضيتهم تتجه نحو "الفكفكة" وفق تصور أعلنت عنه "لجنة متابعة قضية المطلوبين" بدعم من القوى الفلسطينية الوطنية والاسلامية، لتحييد المخيم من الشرب من الكأس المرة كتداعيات لأعمالهم التوتيرية الأمنية.
خطة فلسطينية
وامام مأزق المطلوبين في المخيم واصرار الدولة اللبنانية على انهاء ملفهم بعد الانتهاء من معركتي جرود عرسال ورأس بعلبك وسد ما تبقى من ثغرات أمنية، أثمر التوافق الفلسطيني على تشكيل لجنة مركزية خاصة، "لجنة متابعة ملف المطلوبين في عين الحلوة" برئاسة أمين سر اقليم حركة "فتح" في لبنان حسين فياض، وضعت "خارطة طريق" ثلاثية الابعاد للمعالجة وتقوم على ثلاث نقاط: الاولى تصنيفهم وفق ثلاث فئات: المجموعة الطرابلسية أي المطلوب شادي المولوي ومن معه، المجموعة الصيداوية أي أنصار الشيخ أحمد الاسير، والمجموعة الفلسطينية اي ابناء المخيم، بما فيها "البلالين" بلال بدر وبلال ابو عرقوب.
النقطة الثانية: إنجاز كشف بأعدادهم الحقيقية بعيدا عن "القيل والقال" والترجيح والاحتمال، عبر التعاون مع القوى الاسلامية والناشطين الاسلاميين. والنقطة الثالثة: التهم الامنية الموجهة لكل منهم والاحكام المتوقع صدورها بحقهم، بين مطلوبين عاديين يمكن إقناعهم بتسليم أنفسهم وإسقاط التهم عنهم خاصة اذا كانت تتعلق بقضايا بحث وتحر أو وثائق إطلاق نار، وبين خطيرة .
وقد أتفق اعضاء اللجنة في مقر "القيادة العامة" بمخيم مار الياس في بيروت على البدء بإجراء مسح بأسماء المطلوبين، مؤكدة على أن هناك مسارين يجب اتباعهما بالتوازي لمعالجة قضية ملف المطلوبين: المسار الأول يقع تحت مسؤولية اللجنة متابعة ملف المطلوبين المعنية بإجراء المسح التفصيلي للمطلوبين بمخيم عين الحلوة وكذلك رسم إطار المعالجة، والمسار الثاني يقع تحت مسؤولية القيادة السياسية الفلسطينية في لبنان المعنية بالتواصل مع كافة المرجعيات اللبنانية "السياسية والرسمية".
جريمة القضاة
مقابل الإرتياح الفلسطيني لفرار المولوي ومطلوبين معه، صدر القرار الاتهامي بجريمة إغتيال القضاة الأربعة في صيدا عام 1999 والذي يتهم "عصبة الانصار الاسلامية" بتنفيذ الجريمة، وترجيح عدم تأثيره سلباً على الوضع الأمني في مخيم عين الحلوة أو على علاقة القوى الاسلامية بالاجهزة الأمنية والقوى السياسية اللبنانية.
اليوم بعد 18 عاما على الجريمة، صدر القرار الإتهامي، واتجهت الأنظار الى ما ستؤول اليه الأمور حيث يؤكد الناطق الإعلامي بإسم العصبة الشيخ أبو شريف عقل اتخاذ قرار في الوقت الحالي يقضي بـ"عدم إعلان أي موقف يتعلق بإتهام العصبة بالوقوف وراء اغتيال القضاة الأربعة"، مشيرا في الوقت نفسه الى أنه سيكون هناك موقف للعصبة عبر بيان ستصدره، لكن بعد التشاور مع عدد من المحامين، وذلك بهدف تلافي اي ثغرة قانونية في البيان المرتقب.
يذكر ان "العصبة" ترتبط بعلاقة جيدة مع القوى الأمنية اللبنانية كما القوى السياسية، وقد لعبت دورا بارزا في معالجة الكثير من الاشكالات الأمنية التي وقعت في المخيم بين حركة "فتح" و"المجموعات الاسلامية المتشددة"، وساهمت بفعالية في تسليم بعض المطلوبين الخطيرين داخل المخيم للأجهزة الأمنية اللبنانية ومنهم خالد السيد الى جهاز الأمن العام اللبناني بالتنسيق مع حركة "حماس".